عزيزي الطبيب،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. عندي سؤال شاغل فكري منذ فترة. قبل حوالي عشر سنوات، توفي أخي – الله يرحمه – تحت ظروف صعبة كانت نتيجة لإدمانه وتركه للدراسة. الحقيقة أن والدي ألقى اللوم عليّ وكأنني السبب في ما حدث، مما أدى إلى علاقة متوترة بيننا. منذ ذلك الحين، أشعر بألم كبير بسبب فقدانه وبسبب اللوم الذي يلاحقني. كنت في حينها شاباً في العشرينات من عمري ولم أكن أفهم المسؤولية بشكل جيد. بعد مرور السنوات، لا زلت أشعر بالذنب، حيث أعتبر أن وجوده كان يجلب السعادة للبيت، بينما أنا، وللأسف، كنت دائماً في حالة من الانطواء والقلق. كيف يمكنني أن أخفف من هذا الشعور بالذنب وأعيد بناء علاقتي مع والدي، مع العلم أن هذه المسألة تسببت في غربة عن بلدي وتركتني أشعر بفقدان الهوية؟

عزيزي السائل،

أتفهم تمامًا ما تمر به من مشاعر الألم والذنب حيال فقدان أخيك وعلاقة التصادم بينك وبين والدك. فقدان شخص عزيز هو تجربة مؤلمة قد تترك أثرًا عميقًا على النفس، خاصة عندما يرافقه شعور بالمسؤولية تجاه تلك النتيجة.

الألم الذي تشعر به بعد وفاة أخيك هو نتيجة طبيعية لفقد شخص قريب، لكن من المهم أن تدرك أن كل شخص يواجه الموت أو الفقدان بطريقته الخاصة. اللوم الذي يشعر به والدك قد يكون ناتجًا عن عجزه عن التعامل مع ألم فقدان ابنه، وهو يحاول من خلال توجيه اللوم لك تخفيف هذا الشعور المزعج.

يمكنني أن أقدم لك بعض النصائح للتعامل مع تلك المشاعر وتحسين علاقتك مع والدك:

1. التواصل المفتوح: حاول أن تتحدث مع والدك عن مشاعرك بطريقة صادقة. أعبر له عن الألم الذي تحس به بسبب فقدان أخيك، وشارك معه صعوبة العلاقة التي حصلت نتيجة لهذا الفقد.

2. العمل على المصالحة: قد يكون من المفيد أن تعبر له عن رغبتك في إعادة بناء العلاقة بينكما. يمكنك أن تقترح قضاء وقت إضافي معًا، وذلك قد يخلق لحظات إيجابية خلال التفاعل بينكما.

3. البحث عن الدعم: قد يكون من الجيد التحدث إلى معالج نفسي أو الانضمام إلى مجموعة دعم للأشخاص الذين مروا بتجارب مماثلة. يمكن أن يساعدك ذلك في تقليل الشعور بالعزلة والمساعدة في فهم مشاعرك بشكل أفضل.

4. التوقف عن اللوم الذاتي: من الضروري أن تدرك أن مسؤولية قرارات الآخرين، وخاصة في حالات الإدمان، ليست على عاتقك وحدك. العمل على تقبل هذا الأمر يمكن أن يساعدك في تقليل الوزن النفسي على كتفيك.

5. التركيز على الإيجابيات: يمكنك محاولة تذكر الذكريات الجميلة التي جمعتك مع أخيك وتحويل هذه الطاقة إلى شيء إيجابي، سواء عن طريق تكريمه أو العمل على تحقيق أحلامه بطريقة ما.

تذكر دائمًا أن الشفاء يتطلب وقتًا، والإحساس بالفقد هو جزء من عملية التعافي. من المحتم أن تمر بمشاعر مُعقدة، فلا تتردد في طلب المساعدة حين تحتاج إليها.