عزيزي الطبيب،
أود أن أستفسر عن موضوع يتعلق بالأسرة النبوية، وخاصة ما يتعلق بالزواج الثاني لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد وفاة فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. سمعت أنه تزوج خولة بنت جعفر بن قيس الحنفية، وأنه أنجب منها ولداً يُدعى محمد. لكنني أتحير كيف اكتسب هذا الطفل الشهرة بلقب “محمد بن الحنفية”، على الرغم من أنه لم يكن يكبر أخويه الحسن والحسين بفارق كبير. ورددوا أن أبا علي كان يقحمه في المعارك والصعوبات، فما هي القصة التي تروي تلك العلاقة بين الأخوة؟ كما أشعر بأن هناك شيئًا خاصًا في روح الفصاحة وذكاء محمد بن الحنفية. ألم يكن لديه أي نوع من الخلاف مع أخيه الحسن؟ وماذا كان رده على هذه الخلافات؟
شكرًا جزيلاً لك على مساعدتي.
—
في أيام قريبة من وفاة فاطمة رضي الله عنها، تزوج علي بن أبي طالب رضي الله عنه من خولة بنت جعفر بن قيس. والطفل الذي أُطلق عليه اسم محمد بن علي، عُرف فيما بعد بلقب “محمد بن الحنفية”، كوسيلة لتفريقه عن ذريته فاطمة رضي الله عنها. حقًا، كان محمد بن الحنفية يعتبر في الرتبة التالية بعد إخوته الحسن والحسين إلا أن فارق العمر لم يكن كبيرًا، حيث لم يكن يكبرهما بأكثر من عشر سنوات.
يتميز محمد بن الحنفية بشخصية قوية، فقد نشأ في بيئة تحمل قيم الفروسية والشجاعة بفضل تربى على يد والده. وقد عُرف بتمكنه في شؤون الحرب، حيث كان يرافق أباه في المعارك. وهذا ما أثار تساؤلات حول سبب إعطاء والده الأفضلية له في بعض الأوقات. فعندما سُئل عن ذلك، أجاب بعبارة تلخص حكمته وعمق شخصيته، فقال: “إن أخويّ هما عينا أبي، وأنا يده”. كان هذا تعبيرًا عن ولائه لأبيه وتجسيدًا لفهمه لمكانته في الأسرة.
تجلى أيضاً ذكاؤه عند حدوث خلاف بينه وبين أخيه الحسن، حيث كتب له رسالة مؤثرة تعكس احترامه وتقديره له. ذكّر فيها الحسن بمكانته كابن بنت رسول الله وأهمية العائلة والترابط. كانت دعوته لحسن بزيارة لفض الصراع بينهما مؤشراً على سعيه لتحقيق مصالح الأسرة، وحرصه على المحافظة على العلاقات الأخوية.
طوال تاريخهم، تظل قصة محمد بن الحنفية ودروسه الأخلاقية حلقة جوهرية في فهم العلاقات العائلية وسن القيم الإسلامية بين الأفراد.