عزيزي الطبيب، أود استشارتك حول مشكلة شخصية أواجهها مع صديقي. هو يمر بظروف أسرية صعبة جداً؛ فقد انفصل والداه، ولم يعد لهما أي مسؤولية تجاهه. كما أن أخته تزوجت وابتعدت عن العائلة، ووالدته تعاني من توتر شديد حيث تعامله بعنف وتسبب له الإهانة. الأمر الأكثر صعوبة هو أن صديقي قد تعرض لاعتداء جسدي في صغره ترك آثاراً نفسية عميقة عليه. عندما التقينا في الجامعة، بدأ يرتبط بي عاطفياً بشكل كبير، وأصبح يعتبرني جميع أفراد أسرته، ويعبر عن استعداده للتضحية من أجلي. رغم أنه لا يوجد بيننا أي تجاوزات غير مقبولة، إلا أن ضغط العلاقة بات يثقل كاهلي، فهو يريد أن نكون معًا طوال الوقت، داخل بيت واحد ونعمل في نفس الشركة. لا أستطيع تلبية جميع احتياجاته، وأخشى أن انفصالي عنه قد يزيد من تدهور حالته. ماذا أفعل في هذه الحالة؟
—
مشكلتك تعكس واقعاً معقداً يتطلب مراعاة العديد من الجوانب النفسية والاجتماعية. أولاً، من المهم إدراك أن الصديق الذي تتحدث عنه يعاني من آثار صادمة نتيجة لتجارب مؤلمة في حياته، مما يؤدي إلى اعتمادٍ نفسي عليك. في هذه الحالات، غالباً ما يظهر التعامل العاطفي كوسيلة للتعويض عن الفقدان والفراغ الذي يشعر به.
بالنسبة لك، تحتاجين إلى تبني نهجٍ متوازن. فبينما يعد تقديم الدعم العاطفي أمراً ضرورياً، يجب أيضاً وضع حدود واضحة للحفاظ على صحتك النفسية والعاطفية. يمكنك البدء بالتحدث مع صديقك بشكل صريح حول مشاعرك ومخاوفك. قد يكون من المفيد تشجيعه على طلب المساعدة من مختص نفسي، حيث يمكن أن يقدم له الدعم والتوجيه المهني الذي يحتاجه لفهم ومعالجة مشكلاته.
تجدر الإشارة إلى أن التعاون في بيئة العمل قد يزيد من الضغط النفسي، لذا، من الأفضل وضع مسافة إنسانية محترمة تستطيع من خلالها الدعمه دون أن تؤثري على حياتك الخاصة. حاولي أيضاً التواصل مع أفراد أخرين من عائلته أو أصدقائه لمساعدته في بناء شبكة دعم بديلة. بهذا الشكل، يمكنك أن تظلي موجودة لدعمه بينما تحافظين على خصوصيتك وراحتك النفسية.
إذا كنت قادرة على بناء هذه الحدود ومساعدته في تحويل اهتمامه إلى مصادر دعم أخرى، فقد تتمكنين من تخفيف الضغط الذي تشعرين به، مع تقديم العون له في ذات الوقت.