مرحبًا دكتور، عندي سؤال محتار فيه. سمعت عن قصة سيدنا يونس والحوت، وبالتحديد العبارة الشهيرة “فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ”. لكنني أود أن أفهم لماذا استخدم الله تعالى هذه الكلمة بالتحديد، وما هي طبيعة الحوت الأزرق الذي يُعتبر أكبر حيوان على الأرض؟ كيف يغذية، وما هي قصة سيدنا يونس حول هذا الأمر؟ أرجو أن توضح لي.
—
إنَّ فهم قصة سيدنا يونس عليه السلام والحوت الأزرق يتطلب منا النظر في تفاصيل علمية دقيقة حول هذا الكائن. يُعتبر الحوت الأزرق، كما ذكرت، أكبر حيوان على وجه الأرض، حيث يمكن أن يبلغ طوله أكثر من 35 مترًا ووزنه يتجاوز 180 طنًا. الفتحة التي يستخدمها في التغذية ليست مصممة لاستيعاب كائنات كبيرة، بل تعتمد في نظامها الغذائي على ما يُعرف بالبلانكتون — كائنات دقيقة جدًا.
الحوت الأزرق يقوم بعملية الاصطياد بطرق مدهشة؛ إذ يأخذ كمية كبيرة من الماء في فمه، ثم يقوم بإخراج الماء من جانبي فمه، مما يُبقي البلانكتون محبوسًا داخل فمه. بهذه الطريقة، يتمكن الحوت الأزرق من تناول كميات ضخمة من هذه الكائنات الدقيقة دون الحاجة إلى أسنان للمضغ.
أما بالنسبة لقصة سيدنا يونس، وقدرة الحوت الأزرق على ابتلاع كائن بحجم الإنسان، فإن طبيعة الفم والبلعوم في الحوت تمكّن الحوت من التقاط الكائنات الصغيرة فقط. لذا، عندما يُقال “فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ”، يُفهم منه أن الحوت لم يستطع ابتلاع سيدنا يونس كوجبة طعام بالمعنى المعتاد، بل هو احتفظ به داخل فمه دون أن يتمكن من بلعه. وهذا يُعزز من فكرة عناية الله تعالى بيونس عليه السلام، حيث كانت هذه الحالة تجسيدًا لرحمته ورعايته له، مما يحدث توازنًا بين المعجزة التي حدثت وكافة الظواهر الطبيعية.
وبذلك، يسهم كل من الجانب العلمي والجانب الديني في تعميق فهمنا لهذه القصة.